أخبار مسرحية

المسرح فى الحضارة المصرية

لعل افتتاح المتحف المصرى الكبير السبت المقبل هو الحدث الثقافى الأهم فى تاريخنا المعاصر، فهو يسجل للعالم قصة الحضارة ومهد العلوم المختلفة.. وكذلك بدايات الفنون مثل النحت والرسم والموسيقى والغناء والرقص وأيضا المسرح الذى يخطئ الكثيرون فى الاعتقاد بأنه بدأ مع الحضارة اليونانية.

تقول الدكتورة فاطمة موسى فى كتاب قاموس المسرح: «سبق المسرح المصرى المسرح اليونانى فى نشأته واتصل بالدين اتصالا وثيقا حتى النهاية وكانت أولى المسرحيات المصرية مأساة أوزوريس وكانت تمثل فى أبيدوس وغيرها من أمهات المدن المصرية ويدور موضوعها حول الصراع بين أوزوريس رب الخضرة وسيث رب الجدب وانتصار حور بن أوزوريس فى نهاية الأمر على سيث، وعلى غرار هذه المأساة مثل الإغريق الام ديونيسوس فى المعابد وغيرها».

بل لم يكن المسرح المصرى كله دينيا يقدم العظة أو العروض ذات الطابع الاحتفالى أو الجنائزى فقط، بل كان هناك مسرح دنيوى يعبر عن قضايا المجتمع إلى جانب المسرح الدينى وكانت تلك المسرحيات تحمل خصائص النصوص الدرامية الحديثة، بل إرشادات خاصة بحركة الممثلين، وتميز حوارها بالإيجاز والتكثيف سابقا بذلك عروض تَلَت المسرح المصرى القديم بقرون وحقب عديدة.

وتقول د. فاطمة موسى: « لقد زودتنا بعض البرديات التى وصلت إلينا بجديد عن المسرح المصرى القديم، من ذلك هاتان البرديتان اللتان بمتحف برلين والمتحف البريطانى والتى تحمل كل منهما بعض الإرشادات المتصلة بالإخراج المسرحى، إلى جانب نواح إيزيس ونفتيس خلال أيام الحداد على أوزوريس والحوار الذى تتضمنه هاتان البرديتان حوار يتصل بالمسرح أكثر مما يتصل بالطقوس الدينية».

وتستشهد الكاتبة ببردية برلين رقم 1425 والمكتوب بداخلها على هامش النص ملحوظات إخراجية واضحة مثل: «تختار امرأتان ممشوقتا القد وتجلسان على الأرض أمام البوابة للقاعة الواسعة ويكتب على منكب إحداهما إيزيس وعلى منكب الأخرى نفتيس، وفى يمنى كل منهما إبريق من القيشانى قد مُلئ بالماء وفى يسرى كلتيهما أرغفة من خبز منف».

وظلت الحضارة المصرية أرضا خصبة لاستلهام النصوص الحديثة ربما من أدلها أن أستاذ الرواية العربية نجيب محفوظ استهل مشواره الأدبى برواية «كفاح طيبة»، كما قدم المسرح المعاصر عشرات العروض الدرامية الناجحة التى تعبر عن أمجاد مصر القديمة، ربما من أحدثها مسرحية «أحمس» التى أنتجتها فرقة الرقص المعاصر من تصميم وإخراج محمود مصطفى وإعداد درامى د. مصطفى سليم وتشارك فى بطولتها الفنانة القديرة سميرة عبدالعزيز والفنان المبدع حمزة العيلى ود. عبد الله سعد والفنان كمال عطية، إلى جانب نجوم الرقص الإيقاعى.

ولعل افتتاح المسرح المصرى الكبير يحفز جهات الإنتاج إلى إعادة تقديم قصص المجد والبطولات المصرية فى عروض تجمع بين المتعة والثقافة والإبهار، مع إتاحة الترجمة لعدة لغات مثلما يحدث فى كلاسيكيات الأوبرا والباليه على مستوى العالم.

محمد بهجت – الأهرام اليومي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!