الناقد الفني… المغضوب عليه من المشاهير في مصر
فرق مواقع التواصل الاجتماعي باتت بديلاً للمحتوى النقدي الرصين وتحظى بتشجيع الصناع والنجوم لأنها تشبع رغبتهم في الإشادة مهما كان مستوى العمل

ملخص
المناوشات الاعتيادية بين النجوم والنقاد الفنيين غادرت خانة الاختلاف في الرأي إلى ساحات القضاء والملاسنة، فقد شهدت الفترة الأخيرة في مصر وقائع تشير إلى أن مشاهير الفن لم يعودوا يتقبلون رفض أعمالهم وتفنيدها نقدياً، ويعتبرون هذا الأمر إساءة تستدعي المحاكمة أو السب، فهل النقد الفني في مصر يعاني مستوى الجودة والتخصص، أم أن الفنانين فقدوا البوصلة، وباتوا معتادين على المدح من غير شروط من مؤثري مواقع التواصل الاجتماعي غير المتخصصين؟
ارتبطت النهضة الفنية في مصرمنذ القرن الـ19 بالصحافة، تحديداً أقسامها النقدية، إذ تنافس نجوم المسرح والغناء على الفوز بالإشادات التي يطلقها المتخصصون عبر صفحات الجرائد والمجلات الذائعة الصيت، التي كانت مؤثراً قوياً للجمهور، فرأي النقاد كان عاملاً مهماً للغاية، لأنه يحلل جوانب العمل، ويشير إلى مواطن الضعف ومكامن الجمال في الأعمال التي توسعت لاحقاً إلى السينما وفي ما بعد التلفزيون بمسلسلات وسهرات وبرامج، ما كان له أثره المباشر في تجويد التجارب التالية، إذ يلتفت الفنان أو المطرب أو المذيع وبقية الصناع إلى تفاصيل ربما لم يكن منتبهاً إليها فيتفاداها في ما بعد.
وعلى رغم أن كثيرين كانوا يغضبون بشدة من بعض الآراء القاسية، لكن ظلت للحركة النقدية تأثيرها وقوتها، وازدهرت بصورة تجعل النقاد أنفسهم نجوماً ومشاهير، ولرأيهم ألف حساب، فهل لا يزال لهم التأثير نفسه في عصر أصبحت فيه فيديوهات المؤثرينعن الأعمال الفنية أكثر ظهوراً وانتشاراً؟
على مدار السنوات الأخيرة الماضية، بدا أن هناك خصاماً أو جفاء بين الفنانين والنقاد في مصر، إذ إن كثيراً من نجوم التمثيل والغناء يعتبرون أن تحليل مسيرة فنان ما، أو الحديث عن سلبيات عمل، ونقده بكل موضوعي، هو سب وقذف، وأن تقييم أي أداء فني إن لم يكن إيجابياً 100 في المئة فهو بمثابة هجوم شخصي، وفعل انتقامي، وتغيب تماماً فكرة أن هناك هدفاً آخر وهو التجرد من أجل تقديم خدمة نزيهة للقارئ وقبلها للصناع من أجل وضع أيديهم على نقاط حتماً ستفيدهم في تجاربهم المقبلة.
بالطبع، ليس كل النقاد سواء، في ما يتعلق بالكفاءة والمستوى، وحتى الموضوعية والتجرد، لكن الغالبية من النجوم باتوا سواء في ما يتعلق بنظرتهم إلى النقد الفني، وعليه فقد أصبحت صفحات المؤثرين وصناع المحتوى غير المتخصصين التي تتناول الأعمال المعروضة، هي الأكثر حضوراً وتداولاً بين المشاهير.
وعلى رغم أن بعض تلك الصفحات غير الاحترافية تحاول تقديم محتوى قوي وجيد وبه مجهود، فإن كثيراً منها يحظى بالشعبية حتى لو كانت تحليلاتها بعيدة من أية قواعد حقيقية لمهنة النقد، فكثيراً ما أنها تسير في اتجاه المديح فهي مرحب بها، بينما أي رأي آخر يحمل شبهة السلبية فيجري تجاهله أو تكال إليه الاتهامات، وقد يذهب صاحبه إلى أروقة المحاكم.
“نقاد” تحت الطلب
يقول الناقد المصري طارق الشناوي، “المشاهير لا يتقبلون أي نقد سلبي، وهو أمر ليس جديداً”، مشدداً على أن الناقد أيضاً “غير معصوم من الخطأ، لكن هناك مبالغة وتجاوز من ممن توجه ناحيتهم الآراء”. مع ذلك يعتقد الشناوي أن الأمر في عصر السوشيال ميديا، يأخذ منحى مختلفاً وأكثر حدة، نظراً إلى أن كل ما يبحث عنه مشاهير الفن هو إيصال الصورة الذهنية الإيجابية حتى لو كانت بعيدة من الحقيقة، فالحقيقة لا تعني أحداً على حد قوله، فالدعاية الإيجابية هي الهدف.
وأخيراً اتهم الشناوي بالسب والقذف من نقيب الممثلين المستقيل الفنان أشرف زكي، بعد أن انتقد أداء الفنانة روجينا زوجة زكي، في مسلسلاتها التي تقدم فيها البطولة المطلقة، معتبراً أن روجينا تكون أفضل في موقع الدور الثاني لا النجمة الأولى للعمل. وهو ما اعتبره زكي طعناً في شرفه، يستوجب العقاب القانوني، وكثيراً ما تعرض الشناوي لكثير من المواقف المشابهة، إذ يؤكد أن دعاوى متعددة رفعت عليه، وذهب إلى النيابة للاستماع إلى أقواله، وفي النهاية تحفظ البلاغات.
اتهامات للنقاد بالتنمر وعدم الاستقلالية بل وأنهم مأجورون، ولديهم ثأر قديم قد تكون شائعة منذ زمن طويل بالفعل، لكنها باتت أكثر حضوراً، إذ كانت تقتصر على فئة قليلة للغاية سواء من المخرجين أم المطربين أم الممثلين والمؤلفين وغيرهم من صناع الفن، فيما الغالبية كانوا يقدرون صوت النقاد جيداً، ويحرصون على الاستماع إلى آرائهم، بل إن نقاد الفن الذين كانوا يتمتعون بصداقة وثقة المشاهير ويعتبرون من ضمن دائرتهم المقربة، وقد اكتسبوا تلك الثقة لأنهم يقولون آراءهم بموضوعية وعن علم ودراسة وخبرة وممارسة، فيما الآن باتت الغالبية العظمى من النجوم ينظرون إلى تلك الآراء على أنها هامشية بخاصة لو كانت سلبية. وفي المقابل يجرون وراء صفحات الهواة التي تحاول تحقيق التفاعل عن طريق المجاملة التي لا تستند إلى أساس علمي أو مهني أو حتى خبرة أو ممارسة حقيقية، والنتيجة هي أنه بات في موازنة كل عمل فني بند مخصص للدعاية من هذا النوع، وإعطاء صفة ناقد فني لمؤثرين مهمتهم هي الترويج بطريقة تبدو غير مباشرة للأعمال الجديدة، وفق ما يقول أحد الموظفين بشركة إنتاج شهيرة.
يضيف “هناك صفحات بعينها يدفع لها بصورة منتظمة للإشادة بالأعمال، إذ يجري استهداف الصفحات والمؤثرين الذين لديهم متابعون كثيرون، والتفاعل لديهم متزايد، وعادة تكون المراجعات النقدية مكتوبة لتبدو تلقائية ومستقلة، إذ إن تداول تلك التدوينات ومشاركتها تؤثر إيجابياً في الصورة الذهنية للعمل، ويكون الحرص أن تكون مكتوبة بطريقة احترافية تحمل بعض المصطلحات التي تبدو عميقة، لكن من دون تعقيدات لتصل إلى الجمهور، وعلى رغم أن العمل الفني الجيد يفرض نفسه بالفعل من دون وساطة أو إلحاح مفتعل، لكن هذه الطريقة التي قد تتضمن فيديوهات أيضاً تسهم في لفت النظر لبعض الأعمال التي قد يظلمها توقيت العرض، كما أنها تكون مفيدة حينما يجري عمل كشف حساب لردود أفعال الجماهير والمتابعين والنقاد عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لأنها مؤشر للنجاح بالنسبة إلى العاملين في الصناعة”.
اتهامات جاهزة وبديل مريح
هذا السلوك بات واضحاً للغاية، وعلى رغم أن بعض صفحات الهواة باتت تتمتع بصدقية فعلية وبها اجتهاد حقيقي فالتذوق الفني ليس حكراً على أحد، فهناك عدد من المؤثرين يطورون من أنفسهم بالفعل، لكن الغالبية العظمى تثير التشكك، بخاصة أن كثيراً منهم ينطلقون في نشر المراجعات بعد دقائق من عرض الحلقات أو بعد دقائق من العرض الأول للفيلم أو حتى قبيل إصدار نسخ الأغاني كاملة، وكأن التدوينات كانت معدة مسبقاً وتمت جدولتها للنشر، فيما يظهر وكأنها صناعة موازية، أو بديل مريح يخضع للمواصفات والاشتراطات التي يتطلبها صناع العمل الفني.
اللافت أن بعضاً ممن يعملون في هذا المجال، باتوا ينجحون في الحصول على دعوات المهرجانات والفعاليات المتخصصة على حساب النقاد الفنين المحترفين والمعترف بهم، لأن القائمين على هذه الأنشطة يبحثون أيضاً عن الانتشار والدعم المتواصل عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وقد يبدو الأمر هنا نوعاً من الخداع، أي أن صناع العمل يخدعون أنفسهم، بخاصة أنهم يزودون تلك الصفحات بأجزاء من الحوار مكتوبة كاملة وبصور ذات جودة عالية وحتى بفيديوهات خاصة، بينما لا يهتمون بالأمر نفسه مع المنصات الصحافية ولا حتى بمشاركة صور العمل الجيدة مع النقاد المحترفين إلا فيما ندر، أو في الأقل يأتي هذا في المرتبة الثانية ولا يمثل أولوية، ويكون هذا السلوك واضحاً للغاية في شهر رمضان، إذ المنافسة الحامية بين عشرات المسلسلات، فتنتشر التدوينات لنقاد بلا رصيد يظهرون بصورة مفاجئة، وهنا تتوه الحقائق ويبدو الناقد المحترف نفسه وكأنه يغرد خارج السرب، إذ يجد نفسه أمام اتهامات بالمحاباة لصالح زملاء آخرين، أو حتى يوصف بأنه “مأجور” بكل بساطة، فهل يؤثر هذا السلوك بالفعل في الحركة النقدية في مصر ويسهم في تراجعها؟
من خلال تجربة الناقدة ماجدة خير الله فقد تعرضت مثل زملائها الذين يمتهنون النقد الاحترافي منذ عقود في منصات ورقية وإلكترونية عديدة، مؤكدة أن التهمة الجاهزة التي كانت توجه لها دوماً أنها تهاجم عملاً فنياً ما فقط لأن البطل أو المخرج قد رفض تنفيذ سيناريو عمل كانت قد تقدمت به، بخاصة أنها مؤلفة سينمائية وتلفزيونية لها عدد من الأعمال، منها الفيلم الشهير “العفاريت” لعمرو دياب ومديحة كامل.
وتتابع خير الله “هناك لبس كبير، وعدم إدراك لأن الناقد يسعى إلى الجودة، ويلفت نظر الصناع لنقاط الضعف من أجل تفاديها، فالأمر ليس شخصياً ولا ثأراً قديماً، بعض الفنانين لا يقبلون أبداً أي رأي سلبي حتى لو كانت المقالة بكاملها إيجابية، لكن هناك إشارة إلى تفصيلة صغيرة كانت بحاجة إلى التدقيق، والحقيقة أن هذه الاتهامات من الطبيعي ألا تؤثر في مستوى الناقد نفسه ولا طريقة ممارسته عمله، لكن بصورة عامة فإن فرص الكتابة النقدية العميقة قليلة لأسباب متعددة”.
المجاملات لن تصنع موهبة
أنشئ المعهد العالي للنقد الفني في مصر عام 1958، وهو يتبع أكاديمية الفنون، ويستقبل سنوياً دفعات جديدة ممن يرغبون في دراسة النقد الحر، لكن هناك مؤسسات تعليمية أخرى من شأن الدارسين بها أن يكونوا مؤهلين للنقد الفني بأنواعه، مثل الأقسام المتخصصة بكليات الآداب، وكذلك كليات اللغة العربية، وأيضاً معاهد السينما والفنون المسرحية، كما تنشط جمعيات النقد بمصر وتشارك بفعاليات ومبادرات متنوعة، لكن الدراسة وحدها غير كافية، فالخبرات والاحتراف والمتابعة والتميز الفردي عوامل لها دور مهم للغاية، فهل جميع أعضائها يمارسون النقد؟
بحسب الناقدة ماجدة خير الله فالأمر أصبح صعباً، لأن الصحافة بصورة عامة تعاني، لا سيما الجادة، فهي بحاجة إلى مزيد من الثقافة والوعي والحرية، مشيرة إلى أن أصحاب الأعمال باتوا يعتمدون على “فرق جاهزة” للإشادة والهجوم على أي آراء مغايرة، مشيرة إلى أن دور الصحافة نفسه يتراجع لصالح هذه الفرق التي تنمو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
أيضاً لا ينكر الناقد طارق الشناوي أن التعثر في المشهد النقدي والصحافي الفني تشوبه عثرات، مشيراً إلى أن الفنان يسعى إلى استقطاب السوشيال ميديا أولاً، لأنها تسهم في توجيه الرأي العام بصورة ملاحظة وسريعة، ولهذا يسعون إلى كسبها لصالحهم عن طريق الشخصيات المؤثرة حتى لو كانت غير مؤهلة في المجال.
وعلى رغم أن الشناوي يبدي تحفظه على فكرة التخصص، معتبراً أنها مسألة نسبية لا يمكن قياسها بصورة دقيقة أو بمعيار مطلق، معتبراً أن القيمة والتأثير للمحتوى النقدي هو الفيصل، واختتم كلماته بالقول “من يدافع عن الفنان في النهاية وفي الحقيقة ليست مواقع التواصل ولا نشطاؤها، إنما الإبداع نفسه، فالتدوينات المتلاحقة لن تصنع فناناً أو تخلق موهبة، والزمن والاستمرارية هما الترمومتر الحقيقي لتحديد قيمة المبدع، فقد ينفعل الرأي العام موقتاً بسبب تريند ما، لكن تهدأ الأمور حتماً ولا يبقى إلا الفن الذي إن كان رديئاً سيتلاشى والعكس، والنقاد مهمتهم هنا هي القدرة على وصف وتحليل المنتج النهائي من دون مجاملة”.
اللافت أن النقد الفني قد يصبح تدريجاً في أزمة أعمق، نظراً إلى أن هناك توجهاً إلى الكتابة بالطريقة التي تعجب رواد السوشيال ميديا، أي بعيداً من العمق، وتقتصر على نقاط مختصرة، مما يفقد هذا اللون الصحافي المهم كثيراً من رصانته ومصداقيته مع الوقت، لكن في النهاية فإن النقد بكل أشكاله لم يعد مرحباً به، إذ يبدو صناع الفن وكأنهم في خصومة ما تجعلهم يتحسسون لأي آراء نقدية لا تمتدح أعمالهم بالضرورة.
وأخيراً تابع الوسط الفني على مدار الفترة الماضية أزمة كبيرة اضطر على إثرها مراد مصطفى مخرج فيلم “عائشة لا تستطيع الطيران”، إلى الاعتذار الحار وتوقيف نشاطه عبر السوشيال ميديا موقتاً، بعد أن تداول صناع وصحافيون تعليقات قاسية موجهة لمن لم يعجبهم فيلمه بألفاظ تصنف في خانة السب والقذف، إذ كان رد فعله صادماً حتى بالنسبة إلى زملائه المقربين الذين نصحوه بأن يكون أكثر رحابة في تقبل رفض أعماله، واللافت أن الأمر طال أكثر من ناقد فني، والأكثر حدة أن الأمر لم يقتصر على مخرج الفيلم، بل بعض أبطاله كذلك، مما اضطر عدداً من النقاد إلى اللجوء للقانون لمحاولة أخذ حقهم، لأن الأمر خرج عن فكرة تبادل الآراء المتعارضة إلى السب الصريح.
من يغذي العداوة بين النقاد والنجوم؟
مشهد آخر في السياق نفسه جاء قبل أيام في حفلة افتتاح مهرجان الجونة السينمائي 2025، وهو الفقرة الكوميدية التي قدمها الفنان طه الدسوقي، وكال فيها السخرية والاتهامات للصحافة الفنية بصورة عامة بحجة اتجاهها إلى المحتوى السطحي، وبعيداً من أن الصحافة سواء فنية أم سياسية أم مجتمعية، لديها اهتمامات متعددة، منها ما هو ترفيهي بحت وخفيف وآخر شديد الجدية والعمق.
الفقرة مثار الجدل قسمت المتابعين بين مؤيد وسعيد بما قاله الفنان الشاب الذي لا يزال في بدايات نجوميته، وآخرون عبروا عن استيائهم حتى من زملائه من المشاهير والصناع، وبينهم المخرج سعد هنداوي الذي كتب تدوينة غير مباشرة عن العلاقة بين الفنان والصحافة، مشيداً بموقف عاينه بنفسه للفنان العالمي جورج كلوني الذي وقف على السجادة الحمراء لمدة ساعة ونصف ساعة ليلبي طلبات المراسلين، مشيراً إلى أن على العكس تماماً يتصرف كثير من النجوم المصريين، لافتاً إلى أن النجوم العالميين عادة يعون جيداً متطلبات عملهم ومن بينها تقدير قيمة الصحافة، وعلى هذا النهج يتصرفون.
الجدل تصاعد بعد أيام حتى من عرض الفقرة بالمهرجان السينمائي الذي يحظى بمتابعة كبيرة، واتهم الدسوقي بأنه قام بالتعميم وخلط الصحافة الحقيقية بأداء بعض غير ذوي الصفة الراغبين في تحقيق نسب مشاهدات، الذين يشبهون “الباباراتزي” أو مروجي الفضائح الفنية، ولهذا ينشرون محتوى لا يجري تنقيحه ولا يخضع لأي معايير مؤسسية، واعتبر كثيرون أن النجوم أنفسهم هم من يشجعون هذا النوع من الصحافة، لأن عدداً منهم يظهر على صفحاتهم بكامل إرادتهم، بل ويعيدون نشر محتواهم، وفي المقابل لا يدعمون النقد الجاد أو الصحافة الرصينة ويتهربون من الرد على ممارسيها.
اللافت أنه على رغم أن النقد الفني فرع مختلف عن صحافة التصريحات والتغطيات، فإن الضيق بآراء متخصصية يندرج تحت بند الهجوم على الصحافة الفنية بصورة عامة، الذي يأتي في الغالب من الغضب من تصاعد الآراء السلبية بفعل فكرة المشاركة اللانهائية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مما يشكل ضغطاً نفسياً على المشاهير، فلم يعد الرأي أو الخبر حبيس صفحات الجرائد والمجلات أو حتى في نطاق المواقع نفسها، إنما مواقع التواصل باتت تحاصر النجوم، مما يضخم أية تفصيلة سلبية بالنسبة إليهم، ولهذا يضيقون ذرعاً بفكرة النقد الفني ويحاولون تهميشها، بحجة أن النقد غير مهم، وكذلك لأن النجوم يخلطون بصورة واضحة بين مهمة النقد ومن ثم الصحافة الاحترافية وبين بعض الصفحات التي تهتم بالتنمر والنميمة ممن ينتحلون الصفة، ويصبح الجميع بالنسبة إليهم في خندق واحد.
حميدة أبو هميلة