أخبار مسرحية

حسن النفالي.. خطى الواثق بأمر المسرح

حسن النفالي.. خطى الواثق بأمر المسرح

يمضي وهو يذرع الشوارع والأزقة والأسواق وبيوت الفن والثقافة العتيدة العريقة والمكتبات وكأني به مدينة تُختزل في شخص واحد متعدد يدعى حسن النفالي، ذلك الإنسان النبيل الوادع الكريم المثابر، القامة الفنية الإدارية المحنكة المتعددة الاهتمامات كنسيج كازبلانكا الاقتصادية الثقافية التي تسرق اهتمامك نحو تعدد وتمدد تواريخها وحضاراتها الضاربة في عمق الشرق والغرب معا، وكأني به يريدك أن تكتشف هذه المدينة دفعة واحدة وفي جولة تمكن من رسم تضاريس خارطتها بحنكة فريدة، دافعا بك نحو أسئلة دهشوية غرائبية توغل في أسرار لا يعلمها سوى من كان في قلب وشرايين هذه المدينة، ولم تك تعلم أو تدرك حينها بأن هذه الجولة النفالية الأولى هي المفتاح الأول لجولات كازابلانكية جديدة، خاصة ما إذا تعلق الأمر بفسيفساء تاريخ وأفق ثقافاتها وقاماتها ومسارحها..
وكما جرت العادة بالنسبة إلي، في المهرجانات تؤجل المنامات وتنتشي أحلام اليقظة حتى دهشة أخرى تحفزك على اكتشاف آخر يوغل بك في حلم آخر لا تود الإفاقة منه إلا عندما يصبح هذا الحلم واقعا حيا يتجسد أمامك بكل تفاصيله في كل لحظة تعيشها في المناسبة التي تمت دعوتك من أجلها.
وكانت المناسبة مهرجان ابن امسيك الدولي للمسرح الاحترافي في دورته الرابعة عشر، أما المناسبة الأهم في قلب هذه المناسبة، هي تكريم المهندس الإداري والخبير المسرحي المحنك والعريق القامة الفنية الباذخة بالعطاء الثقافي والمسرحي اللامحدود الصديق حسن النفالي، فمن أي زاوية تتحدث عن هذه القامة وهي تسكن في كل الزوايا المضيئة في كازبلانكا والمغرب والوطن العربي والفسح الدولي؟.
ماذا نقول عن مكرم هذا المهرجان وهو الذي بتكريمه هذا يكرم أصدقاءه والمسرحيين المغاربة والمدعوين وجمهور المهرجان كله؟
ماذا نقول عن هذا المكرم الذي يغادر رأسه وسادة الراحة والغفوة والمنام من أجل أن يطمئن على المهرجان وضيوفه من الأصدقاء المسرحيين العرب؟
ماذا نقول عن هذا المكرم وهو الذي يستقبل ضيوف المهرجان بنفسه ليلا وفجرا ونهارا ويجعل مركبته الخاصة في خدمتهم في كل الحالات بما فيها حالات الطوارئ الصعبة؟
ماذا نقول عنك يا نفالي وأنت الذي تخطفنا كل ليلة بعد فعاليات المهرجان إلى ما يفتح شهية الحوار حتى أقاصيها، وتشمس بنا ضحى نحو مقاه ومدن أخرى لنكتشف مسارح ومواقع ثقافية لم نتعرف عليها قبلا إلا أحيانا من خلال ما قرأنا أو استمعنا إليه من خلال أصدقائنا المغاربة؟
ماذا نقول وأنت الذي في كل سانحة تقرب مسافة التواصل عبر هاتفك مع بعض الأصدقاء الذين نحبهم من أمثال الناقد المفكر الدكتور خالد أمين والناقد الدكتور محمد بهجاجي والناقد الدكتور عبدالمجيد شكير والناقد الدكتور محمد العزيز والناقد الصديق كمال خلادي الذي قصدني من مدينته مكناس ليقوم بواجب الصداقة تجاهي هو والمخرج محمد الحر والذي قصدني أيضا من الرباط واستضافني فيها في يوم آخر والفنان المخرج عبدالجبار خمران والصديق المخرج أمين ناسور بعد جولة في المعهد العالي للفنون المسرحية بالرباط؟
ماذا نقول عن الجولة الرائعة التي هيأتها لنا لزيارة المعهد العالي للمسرح والتنشيط الثقافي بالرباط وعن الفرصة الرائعة التي جمعتنا بمديرة المعهد الصديقة الفنانة الدكتورة لطيفة أحرار ولقائنا هناك بالأصدقاء من أمثال الدكتور مسعود بوحسين والسينوغراف طارق الربح وبطلبة المعهد الرائعين والرائعات؟
وكم أسعدني وأنا أرى في هذا المعهد كل قاعات المحاضرات والمسارح والتدريبات متوجة بأسماء أهم المبدعين المسرحيين في المغرب..
ولكن وكما العادة، النفالي حتى في جولاته لا يستقر له حال قبل أن ينجز فعلا مسرحيا يعنى بالمسرحيين المغاربة، فحين كنا في الرباط، أودعنا أمانة عند عميدة المعهد الفنانة لطيفة أحرار ومضى إلى وزارة الثقافة لينجز مهمة تعنى بالمهرجان وبالمسرحيين المغاربة، فهو المشغول بهم المسرح وشجونه وشئونه أينما حل أو ارتحل.
ماذا نقول عنك أيها النفالي القدير وأنت تهيئ كل اللقاءات الإعلامية للإعلاميين المغاربة والعرب الضيوف، وخاصة الصديقة الإعلامية المانيستيرية النشطة نجوى المهيري، من أجل أن تضيء سماء المهرجان على الصعيد العربي والدولي، مكتفيا بقطعة ساندويتش تحرك موتور الدرب واللقاءات، متناسيا نفسك أيتها القامة الكبيرة المكرمة التي ينبغي أن تتسلط عليها كل الأضواء في هذا المهرجان؟ وما أجمل تلك اللحظة التي هيأها لي الصديق النفالي للقاء الفنان المؤسس الكبير صلاح الدين بنموسى، هذا الفنان الحساس الرقيق القامة المسرحية التي تخرجت من معطفها أجيال وأجيال، والذي تشكلت أعماله المسرحية بوصفه مخرجا ومؤلفا وممثلا وسيناريست منذ العام 1962، والتي على ضوئها أتعرف هناك في جمع اللقاء على الفنان الممثل والمخرج الكبير عبدالقادر مطاع.

يوسف الحمدان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!