دراسة نقدية في أعمال الشيخ القاسمي

صدر عن دار «العنوان» للنشر والتوزيع (الشارقة) كتاب «درامية الحوار المحكي في روايات الشيخ سلطان» للناقد العراقي ظافر جلود، ويقع في «240 » صفحة من القطع المتوسط.
يتطرق المؤلف في هذا الكتاب لمعظم الدراسات التي تناولت «البنية المشهدية» وموضوعاتها في روايات الشيخ الدكتور سلطان القاسمي، التي تعتمد على مشاهد، بمعنى تقسيم الحدث إلى لقطات زمنية/مكانية واضحة، مع شخصيات ومكان وزمان محدّدين.
أما ما يخص التاريخ، فيرى الناقد أنه يمثل عنصراً حاضراً بقوة في جميع نصوص الشيخ القاسمي، «لكن أعماله لا تُصنَّف ضمن المسرح التاريخي فقط، بل تشمل أيضاً المسرح الوثائقي والملحمي والتجريبي. فهو ينطلق من التاريخ باتجاه الواقع، لمناقشة قضاياه الاجتماعية والإنسانية والوطنية والقومية بأسلوب غير مباشر (إسقاطات تاريخية)».
كما أنه يوظَّف في بعض مسرحياته الشخصية الأسطورية التاريخية (مثل النمرود وهولاكو وشمشون الجبار) لإسقاطها على الحياة المعاصرة. وبالنسبة للحوار، فإنه يبدو، كما يضيف، بسيطاً للوهلة الأولى، ولكنه في الحقيقة «من نوع السهل الممتنع، وهو يعمل على بناء الحدث وتطوير الشخصيات، ويتماهى مع عناصر العرض المسرحي ككل، ويتلاءم مع طبيعة الحدث والشخصيات، مقدماً دلالات تُعمق فكرة المسرحية وهدفها الأعلى. فيما تكمن قيمته في فلسفته المسرحية على أنه المختبر الحقيقي لحركة التواصل الإنساني، وهو يأتي غالباً خادماً للمشهد التاريخي أو الدرامي، لا الحوار من أجل الحوار. بمعنى: الحوار يُستخدم لنقل الحدث أو لتوضيح موقف أو لاستعراض صراع فكري».
وعن المشهد القصصي عند القاسمي، يرى المؤلف أنه يتخذ طابعاً شبه «دراميّ/مسرحيّ»: من حيث تحديد المكان والزمان، وتحريكه للشخصيات داخل الحوارات والتفاعل، ما يجعل الرواية أو النص شبيهاً بالمشهد المسرحي.
وفي الرواية التاريخية في مؤلفاته يُبنى المشهد باستخدامه أيضاً كوسيط لربط التاريخ بالحاضر، ولتوجيه رسالة أو طرح أسئلة.
وعن أعمال الشيخ القاسمي المسرحية، يصف الناقد تلك النصوص بأنها «سعيٌ نحو عرض القضايا عبر المشهد – الحوار – الجسد». مثلاً في مسرحية «كتاب الله: الصراع بين النور والظلام» (له)، ذُكر أن النص يعرض عبر خمسة مشاهد سير علماء المسلمين، مع حوارات وأداء جسدي، والتركيز ليس فقط على الكلام، بل على الحركة والبُعد البصري.
وفي دراسة «واقع البنية المشهدية في روايته»، يُشير جلود إلى أن القاسمي يستعمل تقنيات قريبة من «المشهد السينمائي» داخل الرواية: تبديل أماكن، انتقالات، تركيزاً على المكان وتأثيره، توزيع الشخصيات داخل المشاهد، فمثلاً، في روايته «بيبي فاطمة وأبناء الملك»، يتناول شخصية محورية وهي «بيبي فاطمة» ويُقدم تفاصيل الحياة الاجتماعية والسياسية والعسكرية لمملكة هرمز تحت الاحتلال البرتغالي، كما أن استخدامه للمشهد والمكان يجعل أعماله قابلة للتحول إلى عروض مسرحية أو إلى تصور بصري، وهو ما حدث بالفعل في السينما، كما أن التزامه بالوثيقة التاريخية في العديد من رواياته، يؤكّد أن الأحداث والشخصيات موثقة وليست من «نسج الخيال».
الشرق الأوسط



