متى تعود الندوة الفكرية لمهرجان بغداد الدولي للمسرح
مهرجان بغداد الدولي للمسرح يخلد اسم الفنان ميمون الخالدي في دورته السادسة.

وقفة وفاء لافتة، ما قامت به إدارة مهرجان بغداد الدولي للمسرح عندما وسمت دورتها السادسة باسم الفنان ميمون الخالدي، هذه الدورة التي قُدّمت فيها عروض مسرحية شهدتها خشبات المسرح الوطني، ومسرح الرشيد، ومسرح المنصور، حيث انعقدت فعاليات المهرجان في الفترة ما بين العاشر وحتّى السادس عشر من أكتوبر الجاري، بمشاركة فرق وشخصيات عربية وعالمية.
ضمت عروض المهرجان مسرحيات عربية: من المغرب “نشرب إذن”، تقدمها فرقة المركز الثقافي-نجوم المدينة، من تأليف قاسم مطرود وإخراج خالد الزويشي. ومن تونس، يقدم المسرح الوطني التونسي مسرحية “جاكراندا”، من تأليف عبدالحليم المسعودي وإخراج نزار السعيدي. ومن الإمارات، يقدم مسرح أم القيوين الوطني عرض “عرج السواحل”، من تأليف سالم الحتاوي وإخراج عيسى كايد. ومن لبنان، تعرض فرقة جاكبوس بروداكشن مسرحية “اثنين بالليل”، من تأليف وإخراج سامر حنا، كما قدمت فرقة شادن للرقص المعاصر، من فلسطين مسرحية “ريش”، من تأليف وإخراج شادن أبوالعسل، من الكويت مسرحية “غصة عبور” للمخرج محمد الأنصاري.
الندوة الفكرية كانت واحدة من علامات نجاح الدورات الأولى التي نأمل أن تتم إعادتها في الدورات القادمة
أما العروض الأجنبية، فهي: من بولند “الصمت” (Silence) للمخرج باول زكوتاك، من إسبانيا “حديقة الهايسبريد” (The Garden of the Hesperides) للمخرجة أليسيا سوتو، من إيطاليا “طابق التعاطف” (Empathy Floor) للمخرج والتر ما بيني، من إيران “جسيمات الفوضى” (Particles of Chaos) للمخرج إبراهيم بوتشكوخي، من الهند “نيثي – رقص الأنسجة” (Neythe – Dance of the Weaves) للمخرجة ريما كالينغا، من ألمانيا “خلف قدمي الله” (Behind God’s Feet) للمخرجة جيلين ألفانوفي.
فيما قدمت أربع عروض للمسرح العراقي وهي: “مأتم السيد الوالد“ تأليف وإخراج مهند هادي، “طلاق مقدس“ تأليف وإخراج علاء قحطان، “نحن من وجهة نظر قط“ تأليف وإخراج أنس عبدالصمد، “المربع الأول“ تأليف وإخراج علي دعيم. ثلاثة من هذه العروض تنافست ضمن المسابقة الرسمية للمهرجان، فيما كان العرض الرابع “المربع الأول” عرضا شرفيا خارج المنافسة.
كما صاحبت العروض المسرحية جلسات نقدية أعقبت كل عرض مسرحي في جلسات صباحية بمشاركة عدد من النقاد العراقيين والعرب، فضلا عن فعاليات ثقافية موازية، مثل توقيع مجموعة إصدارات لنقاد ومؤرخي المسرح، مع إصدار نشرة يومية لتغطية مجمل فعاليات المهرجان.

وننتظر في دورات المهرجان القادمة، عودة واحدة من العلامات المميزة لمهرجانات المسرح في بغداد، وهي الندوة الفكرية، التي ترك غيابها تساؤلات عديدة، فقد حققت منصة الندوة الفكرية عبر مختلف مهرجانات بغداد فضاء مفتوحا على شتى آفاق المعرفة وتجليات الجمال، وكانت منصة مفتوحة للحوار في و/حول راهن الحراك المسرحي على مستوى النظرية والتطبيق وتقديم الرؤى والتصورات المعرفية لألمع المفكرين ونقاد المسرح في الوطن العربي.
وقد منحت الندوة الفكرية لمهرجان بغداد المسرحي فضاء فكريا ومعرفيا لرسم وبلورة ملامح المشهد القادم للحراك المسرحي، وهذه المنصة كانت واحدة من علامات نجاح الدورات الأولى، لهذا المهرجان أو غيره من مهرجانات المسرح في بغداد، التي نأمل أن تتم إعادتها في الدورات القادمة، بعد أن تجاوز المهرجان مراحل التأسيس والتطور، ووصل إلى مرحلة النضج على مستوى الوضع اللوجستي والفني، وصار يحظى بدعم سخي من الدولة.
ولعل اللافت أن مهرجان بغداد الدولي للمسرح، وهو يقف بالتوازي مع بعض المهرجانات العربية، العريقة مثل مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي، وأيام قرطاج المسرحية، إلا أن تلك المهرجانات لا تدعو الشخص ليحل ضيفا على المهرجان لمجرد وجود رمزي أو حضور بروتوكولي، بل يُستثمر وجوده بحسب ممكناته التي أهلته للحضور كضيف ليسهم وجوده في تعزيز غايات ومرامي المهرجان، فيمكن مثلا عقد مائدة مستديرة أو حلقة نقاشية أو محاضرة أو لقاء إعلامي في الحد الأدنى، تتم برمجتها ضمن فعاليات المهرجان ليعزز من أهدافه وغاياته، كذلك ليشعر الضيف بمعنى جوده، وتتخطى دعوته للمهرجان بذلك حدود الشكليًة، وتصبح تجسيدا لمشاركة فاعلة، ويحقق الحضور تبادلا للثقافات والخبرات والتجارب، فضلا عن الدعوات الشكلية للمسرحيين من محافظات العراق العزيزة دون تكليف بمهام محددة.
والمشكلة لا تكمن في استضافة هذا العدد الكبير من الضيوف، وإنما في عدم تحويل الضيافة إلى فعل إنتاجي لمصلحة المهرجان، فالضيافة فعل كرمٍ ثقافيٍ نبيلٍ، لكنه هنا ينبغي أن ينتج أثرا في سياق فعل فني مسرحي ثقافي، تماهى مع شعار الدورة السادسة للمهرجان “معا نحتفي بالمسرح.. معاً نحيي بغداد.”
رياض موسى سكران – صحيفة العرب



