محمد القلاف: في خطوة طال انتظارها..الفرق المسرحية الكويتية تتحرك نحو الورش .

يُعد انخراط الفرق المسرحية الأساسية في الكويت – وفي مقدمتها فرقة المسرح العربي وفرقة مسرح الخليج العربي – في تنظيم ورش فنية متخصصة في التمثيل والإخراج والكتابة المسرحية، خطوة إيجابية طال انتظارها وتُسجَّل لصالح هذه الفرق. ونتمنى أن تحذو بقية الفرق حذوهم، مثل فرقة المسرح الشعبي وفرقة المسرح الكويتي، لما لذلك من أثر كبير في اكتشاف المواهب الشابة وصقل الطاقات الإبداعية في المجال المسرحي.

وقد شهدنا في الآونة الأخيرة نشاطاً ملحوظاً على هذا الصعيد، من خلال ورش اِستوديو الفنون الأدائية المسرحية التي جمعت بين التمثيل والغناء الدرامي الجماعي، إضافة إلى ورش معهد لابا (لوياك) التي تقدم تدريبات متخصصة.
إن توجه الفرق المسرحية نحو إقامة ورش وندوات وفعاليات تدريبية يسهم في تطوير مستواها الفني وتنشيط حضورها، بعيداً عن الاكتفاء بالمهرجانات أو العروض الموسمية. والمهم في هذه المرحلة ليس من يقيم الورش بقدر ما هو أهمية البدء بها، إذ يمكن لاحقاً تطوير المحتوى والأساليب بما يتناسب مع طموحات الحركة المسرحية الكويتية.

ورشة فرقة المسرح العربي لأحمد الشطي : بين التشخيص والتمثيل
قدّمت فرقة المسرح العربي برنامجاً تدريبياً بإشراف المخرج أحمد فؤاد الشطي، تميَّز بجمعه بين التمرين العملي والمعرفة النظرية، شمل البرنامج تمارين تطبيقية تساعد المشاركين على تطوير مهاراتهم في الأداء والإلقاء والحضور على الخشبة، إلى جانب جلسات تثقيفية فتحت أمامهم آفاقاً جديدة لفهم المدارس والأساليب المسرحية عبر العصور.

إنها فرصة ثمينة للانفتاح على أسرار الإبداع المسرحي واكتساب أدوات الاحتراف من خلال ممارسة مباشرة تجمع بين الرصانة الأكاديمية والحيوية العملية، هذه الورشة تعكس حرص فرقة المسرح العربي على الارتقاء بذائقة أعضائها وجمهورها، وعلى إعداد جيل مسرحي قادر على حمل شعلة الفن الأصيل.

ورشة فرقة مسرح الخليج العربي لأحمد العوضي : التمثيل والإخراج والكتابة المسرحية.
أقامت فرقة مسرح الخليج العربي ورشة تدريبية بإشراف الممثل والمخرج أحمد العوضي، بمتابعة رئيس الفرقة ميثم بدر.
كانت الورشة بمثابة ملتقى إبداعي جمع بين طاقات شبابية متطلعة إلى إثبات حضورها، وخبرة فنية عميقة قدَّمها المدرب بحيوية وتفاعل.

اِمتازت الورشة بكثافة التدريب وتنوعه؛ حيث لم تقتصر على الجانب النظري، بل ركزت على تجريب النصوص على الخشبة وممارسة أساليب أداء وإخراج متعددة، كما أُتيح للمشاركين خوض تجربة إعداد نصوص خاصة بهم، وتحويل أفكارهم إلى مشاريع فنية عملية، ليكونوا شركاء فاعلين في العملية الإبداعية.
وقد برز دور الأستاذ أحمد العوضي كمدرب متمرس، جمع بين الصرامة والمرونة، مما ساعد على خلق بيئة تدريبية محفزة تُشعر المشاركين بالثقة والانتماء. هذه المبادرة تؤكد حرص فرقة مسرح الخليج العربي على الاستثمار في الطاقات الشبابية، وفتح آفاق جديدة أمام الجيل الصاعد، ليكون امتداداً لمسيرة العطاء المسرحي في الكويت والخليج.

الفرق المسرحية الأخرى: دعوة إلى المبادرة
إن فرقة المسرح الشعبي – أقدم الفرق المسرحية الكويتية – وفرقة المسرح الكويتي – أحدثها – هما جزء أصيل من البذرة التي شكَّلت نواة الحركة المسرحية الكويتية، وانتشرت محلياً وخليجياً وعربياً؛ لذا نتمنى أن تبادر هذه الفرق أيضاً إلى إقامة ورش تدريبية، ومحاضرات، وندوات تسهم في تطوير العمل الفني واكتشاف وجوه شابة جديدة.

أماكن التدريب والمستلزمات
يبقى المكان المسرحي عنصراً أساسياً في نجاح أي ورشة، إذ يمنح المشاركين أجواء تطبيقية متكاملة ويُمكِّن الفرق من تقديم أفضل صورة لمنتسبيها.
وهنا يبرز دور المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في تذليل العقبات، وتوفير المستلزمات بعيداً عن التعقيدات البيروقراطية، حتى لا تتأخر البرامج التدريبية.
ونحن نقدِّر للمجلس جهوده الكبيرة في دعم الثقافة والفنون.

بانتظار مبادرات أخرى
إن انخراط الفرق المسرحية الكويتية في ورش تدريبية خطوة مهمة نحو استدامة الفن المسرحي وتطويره، وما بدأته فرقة المسرح العربي وفرقة مسرح الخليج العربي يشكِّل نموذجاً يُحتذى، ويستحق أن تُبنى عليه مبادرات أخرى، حتى يظل المسرح الكويتي حاضراً، متجدداً، وفاعلاً في محيطه المحلي والخليجي والعربي.
محمد القلاف
naqd-x-naqd



