جميل راتب أيقونة الفن بين العالمية والمحلية.. رحلة فنان تمرد على تقاليد العائلة
جميل راتب أيقونة الفن بين العالمية والمحلية.. رحلة فنان تمرد على تقاليد العائلة


تحل ذكرى وفاة الفنان الكبير جميل راتب، في مثل هذا اليوم، 19 أغسطس، الذي يعد واحدًا من أبرز نجوم الفن في مصر والعالم العربي، امتلك حضورًا فنيًا مميزًا جمع بين العالمية والتأثير المحلي، وترك بصمة خالدة في السينما والمسرح والتليفزيون.

نشأة أرستقراطية وشغف بالفن
وُلد جميل أبو بكر راتب في القاهرة عام 1926 لأسرة ثرية ذات أصول تركية مصرية، كان والده يطمح أن يسير ابنه في طريق السلك الدبلوماسي مثل بقية أفراد العائلة، لكن ميول جميل اتجهت إلى الفن، ورغم رغبة العائلة في ثنيه عن هذا الطريق، تمسك بشغفه وقرر أن يسلك درب التمثيل مهما كانت التحديات.

بداية المشوار في فرنسا
انتقل راتب إلى فرنسا لاستكمال دراسته، وبدأ في دراسة الحقوق، لكنه سرعان ما تركها ليتفرغ لدراسة الفنون المسرحية، هذا القرار أغضب أسرته، فقررت قطع المصروف عنه، ليجد نفسه مضطرًا للعمل في وظائف بسيطة لتأمين احتياجاته ورغم هذه الظروف القاسية، استطاع أن يشق طريقه حتى أصبح أول ممثل عربي ينضم إلى فرقة المسرح الفرنسية العريقة “الكوميدي فرانسيز”، وهو إنجاز تاريخي لم يتكرر من قبل.

حضور عالمي وأدوار بارزة
شارك جميل راتب في نحو 70 عملًا بفرنسا ما بين السينما والمسرح والتليفزيون، ليحقق حضورًا عالميًا مهمًا، وشارك في أفلام بارزة مثل “لورانس العرب” إلى جانب عمر الشريف، و”أنا الشرق”، إلى جانب أدوار مؤثرة في السينما المصرية مثل “الصعود إلى الهاوية”، و”حب في الزنزانة”، و”البريء”، و”الكيف”.

سر عدم الوصول لشهرة عمر الشريف
كان راتب واقعيًا في إجابته عن سبب عدم وصوله إلى نفس المكانة العالمية لعمر الشريف، حيث قال: “العالمية وقتها كانت تأتي من خلال السينما الأمريكية، عمر الشريف لعب أدوار بطولة هناك، بينما أنا ركزت على أدوار مركبة في أوروبا ومصر”، بذلك وضع يده على الفارق بين طريقين مختلفين في النجومية.

بصمة في الدراما المصرية
في الدراما التليفزيونية، ترك جميل راتب بصمات بارزة، أبرزها شخصية مفيد أبو الغار في مسلسل “الراية البيضاء”، وشخصية جدو أبو الفضل في “يوميات ونيس”، التي ظلت محفورة في ذاكرة المشاهدين امتاز أداؤه بالقدرة على تجسيد الشخصيات المعقدة، خاصة في أدوار الشر، لكن بملامح إنسانية جعلت المشاهد يتعاطف معها أحيانًا.

تواضع وإنسانية
رغم أصوله الأرستقراطية ومكانته الفنية الكبيرة، عُرف جميل راتب بتواضعه الشديد وبساطته في التعامل كان قريبًا من الناس، يؤمن بأن الفن رسالة إنسانية قبل أن يكون وسيلة للشهرة أو الثراء.

المرض وحديثه عن الموت
قبل وفاته بسنوات قليلة، عانى راتب من تدهور حالته الصحية وفقد صوته، مما أجبره على الابتعاد عن الساحة، وفي لقاء مع الإعلامية راغدة شلهوب ببرنامج “فحص شامل”، تحدث عن الموت قائلاً: “الموت بالنسبة لي راحة من تعب المرض وكبر السن لا أخاف من الموت، بل من العذاب أتمنى أن أموت دون ألم عمري 90 سنة، وأحببت الحياة التي عشتها، والآن أنا راضٍ الحمد لله”، وأضاف: “عندما أموت، سألتحق بمن أحبوني وكانوا بجانبي، وأتمنى أن أراهم في العالم الآخر”.

جميل راتب بالسينما
على مدار مشواره الفني، قدّم جميل راتب للسينما ما يقرب من 80 فيلمًا، إضافة إلى عشرات المسلسلات، تاركًا خلفه إرثًا فنيًا خالدًا سيظل حاضرًا في وجدان الجمهور رحل الجسد، لكن سيظل جميل راتب علامة بارزة في تاريخ الفن المصري والعربي، رمزًا للفنان الحقيقي الذي جمع بين الموهبة والالتزام والإنسانية.

 
				
 
						


