أخبار مسرحية

روح خالد الطريفي تحضر في فريجيدير.. المسرح يرفض الغياب

في أمسية تفيض بالوفاء والحنين، قدّم فنانون أردنيون عرضهم المسرحي «فريجيدير» تخليدًا لذكرى الراحل خالد الطريفي، الملقّب بـ»أبو الفوانيس واليابا»، الذي ظلّت روحه حاضرة بين محبيه وزملائه في الوسط المسرحي. جاء العرض ضمن فعاليات الموسم المسرحي الأردني للمحترفين 2025، الذي تنظمه مديرية المسرح والفنون البصرية في وزارة الثقافة بالتعاون مع نقابة الفنانين الأردنيين، ويستمر لأسبوع كامل.

عرض يُحاكي الأسئلة الكبرى عن الحياة والموت

استند العرض إلى رواية «زمن اليباب»، رائعة الأديب الأردني هزاع البراري، وأخرجه الحاكم مسعود، ليقدّم عبرها رؤية بصرية ودرامية تعالج فكرة الموت والحياة بأسلوب رمزي عميق.

فالنصّ المسرحي، كما يصفه مسعود، لا يروي عن الموت بوصفه نهاية، بل عن الحياة وهي تنكمش في وجهه، من خلال شخصية «فرح» التي تسجن الموتى في توابيت معدنية في محاولة يائسة لحمايتهم من التحلل، وكأنها تحرس موتهم لتؤجل موتها هي. امرأة تلبس الأبيض الذي شرب سواد الليل، تسأل في وجعٍ متكرر: «لماذا لا يكف موتكم عني؟»، وهي التي تعيش بين ثلاثة أموات داخلها، فتغدو أكثر موتًا منهم جميعًا.

فلسفة اليباب.. إنسان يواجه العدم

تحمل المسرحية في طياتها سؤالًا وجوديًا عميقًا:

«هل نحن أحياء نؤجل موتنا في ثلاجة، أم موتى نرفض أن نُدفن؟»

بهذا المعنى، تعكس «فريجيدير» صراع الإنسان مع ذاته، مع الزمن، ومع المعنى المفقود في عالم ينهشه الخوف والعجز. إنها قراءة لوجع الوجود الإنساني حين يتحول إلى برودة روحية، وحين يصبح الموت أهون من حياة بلا نبض.

فريق العمل والتمثيل

ضمّ العرض نخبة من الفنانين الأردنيين الذين قدّموا أداءً مكثفًا ومؤثرًا، وهم:

غنام غنام (الموظف)، دلال فياض (الموظفة)، رزان الكردي (الخادمة)، فداء أبو حماد (الجثة)، حسام حازم (المعاون)، محمد مغاريز (المراقب)، حمزة سبيتان (المعاون الخاص)، وبمشاركة الطفلة شهد رمزي. الموسيقى من تأليف عبد الرزاق مطرية، وسينوغرافيا محمد المراشدة ورمزي بندورة، فيما تولى أحمد الخلايلة ورمزي جادالله التنفيذ التقني. وقدّم الشكر الخاص لكل من فاطمة مؤنس، حمزة مراشدة، جمال المصري، طه مبارك، ومنذر مصطفى.

رؤية المخرج

أوضح المخرج الحاكم مسعود أن العمل يمثّل تجربة تجريبية في البنية المسرحية والأداء، تمزج بين الرمز البصري والألم الداخلي المكبوت. فـ»فريجيدير» ليست مجرد عرض، بل هي مشرحة للذاكرة، وفضاء نفسي يواجه فيه الإنسان ذاته العارية، بلا أقنعة ولا خلاص، حيث تتحول الشخصيات إلى شظايا من الذاكرة والوجع والإنكار.

موسم غني بالعروض المتنافسة

ويشارك في الموسم المسرحي الأردني للمحترفين 2025 أربع مسرحيات وصلت إلى المرحلة النهائية بعد عملية فرز أولي، هي:

«فريجيدير» (عن «زمن اليباب» لهزاع البراري، إخراج الحاكم مسعود)

«أرامل» (عن رواية آربيل دورفمان، إخراج عبدالله الجروان)

«مكسور» (تأليف نزار عويس، إخراج عمر الضمور)

«سراب» (مقتبسة عن نصوص لصموئيل بيكيت، إخراج المعتمد المناصير)

وقد سبق أن تأهلت لهذه الدورة مجموعة من المشاريع المسرحية لأسماء بارزة كـحكيم حرب والدكتور مخلد الزيودي وعلي فريج وفراس المصري، قبل أن تستقر المنافسة على هذه العروض الأربعة النهائية.  ومع هذا الحضور المسرحي المكثف، تبقى «فريجيدير» أكثر من عرضٍ على الخشبة؛ إنها مرثية فنية لروح خالد الطريفي، ورسالة حب من زملائه الذين آمنوا أن المسرح لا يموت، طالما فيه من يضيء الفوانيس في العتمة، تمامًا كما كان يفعل «أبو الفوانيس واليابا».

حسام عطية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!