أخبار مسرحية

دعاء فودة تكتب: بغداد مدينة لا يموت فيها الإبداع.. المسرح يعيد لها نبض الحياة

في كل دورة جديدة من مهرجان بغداد الدولي للمسرح، تثبت العاصمة العراقية أنها لا تموت، بل تتجدد كلما ارتفع صوت الفن فيها، مهرجان بغداد للمسرح في دورته السادسة، دورة الفنان ميمون الخالدي، استعادت بغداد وهجها المسرحي، لتتحول إلى مسرح كبير مفتوح على الحلم، يحتضن الفرق العربية والأجنبية، ويقدم عروضا تتقاطع فيها الأسئلة الإنسانية مع الجمال والتجريب.

بغداد التي تشبه القاهرة في روحها ودفئها وتاريخها الطويل، وصخبها المحبب وتنوع وجوه ناسها، تحتضن الحياة رغم ما مر بها من جراح، فيها مزيج من التراث والحداثة، من الأصالة والإبداع، وفي كل زاوية منها إحساس بالانتماء وحنين لا ينتهي إنها مدينة إذا زرتها مرة، بقيت فيك إلى الأبد، ومع انطلاق الدورة السادسة من مهرجان بغداد الدولي للمسرح، فتحت المدينة ذراعيها للمسرحيين من أنحاء العالم، بغداد التي عرفت الحرب والتعب، تعرف أيضا كيف تصنع الفرح والفن، على ضفاف دجلة، وبين مسارحها العريقة، امتلأت قاعات المسارح بالعروض والجمهور، وتحول المهرجان إلى عيد حقيقي للفن وللحياة.

برعاية وزارة الثقافة العراقية، وبرئاسة د.جبار جودي، وإدارة المخرج حاتم عودة، جاءت الدورة السادسة أكثر نضجا وتنظيما وتنوعا، حيث تنوعت العروض بين مدارس وأساليب متعددة، من الأداء الجسدي الصامت في العرض البولندي “الصمت”، إلى الاشتباك الفكري والجرأة في المسرحية العراقية “طلاق مقدس”، مرورا بالشاعرية والابتكار في العرض الهندي “رقصة النسيج” والذي حصل على أفضل عرض وعن استحقاق، والتأمل البصري في “حديقة الهِسبريدِس” الإسبانية، وغيرها من العروض الـ15 التي شهدتها المسابقة الرسمية بالدورة السادسة، فكل عرض كان نافذة على رؤية فنية مختلفة، لكنه في النهاية عبر عن سؤال واحد: كيف يظل الإنسان قادرا على الحلم وسط الفوضى؟.

ولم يكن المسرح وحده هو بطل الدورة السادسة من مهرجان بغداد الدولي للمسرح؛ بل كان الجمهور العراقي شريكا أصيلا في نجاح المهرجان.. جمهور عاشق للمسرح، امتلأت به قاعات المسارح فلم يترك مقعدا شاغرا، حضر بشغف، وصفق بصدق وحماس، وتفاعل مع كل عرض وكأنه جزء منه، ذلك الحضور الكثيف لم يكن مجرد مشاهدة، بل إعلان حب واضح للفن وللمسرح، وتجديدا لعلاقة الجمهور بالمسرح كمساحة حقيقية للالتقاء والتأمل.

بغداد خلال أيام المهرجان بدت مختلفة؛ مدينة لا تكتفي بالذكريات، بل تصنع حاضرها بالفعل والإبداع، في الشوارع والمسارح وأحاديث الناس، كان المهرجان حاضرا كأن الجميع جزء من طقسه اليومي، وهكذا، لم يكن مهرجان بغداد مجرد فعالية ثقافية، بل فعل مقاومة للحزن، واحتفاء بالجمال الإنساني، ورسالة من مدينة تعرف كيف تحيا وتعيش وتفرح رغم كل شئ.

من قلب المسرح الوطني وقت إسدال الستار على الدورة السادسة للمهرجان، ارتفع صوت بغداد قائلا: “طالما هناك مسرح، فثمة أمل لا يموت.. ولنا لقاء في الدورة السابعة أكثر إبداع وحياة وأمل”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!