أخبار مسرحية
مسرحُ الاكتشاف… حين يُعيد محمد الحر تشكيل الجسد والنص.

يبدو أن الورشة التي قادها المخرج المغربي المبدع محمد الحر قد فتحت في البحرين أفقًا جديدًا لمفهوم المسرح المغاير؛ ذلك المسرح الذي لا يكتفي بأن يُقدَّم، بل يسعى لأن يُكتشف من جديد. ومن يقرأ ما كتبه الأستاذ يوسف الحمدان في مقاله، يدرك أن ما جرى في هذه التجربة لم يكن مجرد تدريبٍ تقنيٍّ للممثلين، بل كان تحولًا في فلسفة الأداء ووعي الجسد والمكان.
لقد وضع محمد الحر الممثلَ في مواجهة ذاته قبل أن يضعه في مواجهة الجمهور؛ علّمه أن الصمت فعل، وأن السكون لغة، وأن الجسد هو النص الأول الذي ينبغي أن يُقرأ قبل أن يُقال. وهذا بالضبط ما يحتاجه المسرح البحريني في مرحلته الراهنة: التحرر من القوالب الجاهزة، وكسر جمود الخطاب المسرحي الذي طالما خضع لسلطة المألوف.
ما فعله الحر – كما أشار الأستاذ يوسف الحمدان في مقاله -المخرج محمد الحر ..يكتب المشهد المسرحي وقلبه على تكوين مسرح مغاير في البحرين .
هو أنه أعاد التمرين إلى أصله الطقسي، حيث يصبح المسرح حالةً روحية، وليست مجرد حركة فوق الخشبة. لقد ذكّرنا بأن الممثل ليس “ناقلًا” للنص، بل “كائنًا خلاقًا” يكتب بجسده صوته وإيماءه وانحناءه.
إن ما يُحسب لفرقة مسرح الصواري وللهيئة العربية للمسرح بالشارقة هو هذا الإيمان بالبحث والتجريب، وهو ما يجعل من البحرين مساحة حيّة لإعادة صياغة مفهوم المسرح الخليجي المعاصر. فهذه الورشة ليست حدثًا عابرًا، بل بذرة وعيٍ جديدة ستنبت عروضًا مختلفة في لغتها البصرية، وفي علاقتها بالجمهور والزمن والمكان.
ويبقى ما قاله الحمدان في مقاله عن الفن والشمس والمسرح تعبيرًا دقيقًا عن روح هذه التجربة: إنها طاقة من الضوء تُزرع في أجساد الممثلين لتمنحهم حرية الحلم، والقدرة على الخلق من اللاشيء.
وأجد في ما أنجزه المخرج محمد الحر ومن معه من شباب الصواري – عمر السعيدي، سودابه خليفة، ، نور جعفر، نور حميد ، علي أبو ديب ، حسين المبشر ، وابن الصواري والبيادر – زكريا الشيخ – خطوة شجاعة نحو تأسيس وعيٍ مسرحي مختلف يليق بالبحرين وتاريخها الفني العريق.
إبراهيم المنسي